الشكل وعلاقته بالحالة النفسية للانسان


هذه الأحاسيس لا بأس من تواجدها في التشكيل المعماري طالما حققت الغرض . ولكن كيف يمكن للمهندس المعماري أن يصحح أو يعمل على تغيير هذه المعاني وهذه الأحاسيس  إذا فرضت على العمل  لتحقق الإيحاء المطلوب ؟!

 

تأثير الأشكال على الحالة النفسية للإنسان
موضوع لم يكن متداولا من قبل وقليلون جدا من بحثوا في هذا الجانب من العمارة ومازال البحث جاريا كما أنه وجد علم جديد اسمه عـلـم البايوجيومترى هو علم يستخدم طاقة الشكل ، اللون ، الحركة ، والصوت لإدخال التوازن على أى نوع أو مستوى من مستويات الطاقة الحيوية ذات الترددات الصغرى و التي تقوم باستكمال الأنظمة الحيوية و التي ترتبط ارتباطا وظيفيا بالجسم المادي وقد تناولنا في هذا البحث تأثير الشكل علىالحالة النفسية للإنسان من عدة نقاط كان اولها المعاني الإيحائية لعناصر التشكيل وثانيها هو إيحاءات الأشكال الهندسية بالنسبة للإنسان ومدى علاقة ذلك بحالة الإنسان وطبعه ..
وثالثها هو علم البايوجيومترى ومازال البحث في هذا العلم قائما إلا الآن ولم يتم إعلان نتائج هذه الأبحاث ...

تأثير الأشكال على الحالة النفسية للإنسان
نتناول في هذا الجانب دراسة ما توحي به عناصر التشكيل من معان وأفكار ، كالإيحاء بالعظمة والسمو ، بالحركة والسكون ، بالبهجة أو بالاندفاع دون أن يكون لهذه العناصر أي معنى ممنوح لها أو مرتبط بها مسبقا ً.
في حين تبقى الخواص الهندسية للشكل ثابتة ، مما يحدد سمات عناصر التشكيل ، فإننا لا نلمس هذا الثبات بالنسبة لما يوحي به هذا الشكل . فإذا ما أردنا دراسة ما نحسه من معان وانطباعات إزاء رؤيتنا للأشكال وجب علينا أن نترك _ جزئيا_ المجال المادي الموضوعي لندخل في المجال الذاتي الحادث في نفسية المشاهد . وأنه إذا ما كان من الممكن تحديد سمات بعض الأشكال بطريقة أكيدة نسبياً طالما أن السمة تنبثق من تكوين الأشكال ، فإننا_ فيما يختص بمعاني الأشكال وما توحي به لنا _ نسترشد بنتائج بعض التجارب التي تمت على مجموعات من الأشخاص في ظروف معينة . فالأشكال ليست لها معنى إلا عندما يستعملها الإنسان فهو الذي يحدد معناها بالنسبة لنفسه . هذا المعنى الذي يحدده هو أحاسيسه الشخصية إزاء رؤية الشكل .
وأنه من الممكن في هذا المجال وضع نتائج ثابتة يمكن أن يقوم عليها قانون حيث أن القوانين تستلزم الموضوعية وثبات النتائج
طالما
بقي الشكل دون وظيفة نفعية فإنه لا يوحي لنا إلا بما يصدر عن خواصه الهندسية وسماته التشكيلية .
أما إذا ما استعمل فأسند له دور وظيفي فإن هذا الاستعمال يكسبه تأثيراً جديداً وهكذا يمكن للمهندس المعماري أن يغير من تأثير الشكل وما يوحي به تبعا لنوعية الاستعمال .
فمثلا يمكن أن يختلف إيحاء السلم بحركة الصعود بإختلاف سمته وتكوينه .


فالشكل الحلزوني له يوحي بفكرة الصعود الصعب في حيز ضيق ويدل بوضوح على دوره البسيط كنعصر ربط واتصال بين مختلف الطوابق .
أما إذا استقامت درجاته وزاد عرضه وقلت زاوية الصعود فإن يتضمن إحساساً بعظمة وسمو لم يستطيع السلم الحلزوني أن يعبر عنها
كذلك مبنى برج اسطواني الشكل وبدون فتحات ، فإنه على الرغم من ليونة محيطه إلا أن يظهر ثقلاً في مظهره العام بعكس برج آخر مساو له في الأبعاد ولكن ذو فتحات تنغم وواجهاته حيث نلمس خفة مظهره .
وهكذا فالإيحاء الممكن أن ينبثق من الشكل يرتبط دائماً بالمضمون المحدد له ، الذي يملي على المهندس المعماري اختيار الأشكال للحصول على التعبير والمعنى المطلوبين فالمضمون الفكري لمقبرة مثلا لا يصح معه تجميع عناصر تشكيل ينبثق منها إحساس بالحياة والحركة التي قد تكون مستساغة بالنسبة لأقواس النصر مثلا. فإن عناصر التشكيل في استعمالاتها المختلفة تكتسب معاني ينتج عنها إيحاءات ربما تبقى حتى ولو اختفى المضمون الذي أحدث اختيار الأشكال .
فمع أنه لم يعد هناك ملك في قصر فرساي،فإن ارتفاع وسمو تكوين القصر مازال مهيباً، وذلك بالاستخدام الخاص لعناصر التشكيل حيث نجد سيطرة الاتجاه الأفقي وتكرار نفس الإيقاع في التشكيل العام في الواجهة كذلك الكاتدرائية القوطية حيث عناصر التشكيل حيث يغلب عليها الاتجاه الرأسي والارنفاع إلى السماء فبقي المعني الديني ظاهراً بوضوح حيث أراد المعماريون القوط إيجاد مغالاة للمبنى في قيمته بالنسبة للإنسان
المعاني الإيحائية للخط :
قبل دراسة المعاني الإيحائية للخط والدور الذي يقوم به ، لنذكر سيطرة التعبير الإيحائي للعمود الدوري الإغريقي ذي الخشخانات التي ابتدعها المهندس المعماري ليؤكد إحساسه بالسمو و العظمة للمعبد .
إن تأثير الخط المنحني للعقد المدبب القوطي يؤكد الطابع الانسيابي المشقوق لهذا الطراز . وأيضا التأثير الإيحائي للخطوط وأهميتها التشكيلية في الزخرفة الإسلامية فبتتبعنا للعصور المختلفة فإننا نجد الخطوط قد استعملت بطرق متنوعة حيث ارتبطت بعناصر معمارية أو حليات زخرفية ...إلخ
ولتناول الآن المعاني الإيحائية للأنواع المختلفة للخطوط..
المعاني الإيحائية الممكن أن تنبثق من الخط المستقيم : ربما يكون الخط المستقيم العنصر الأساسي في التشكيل حيث ينبثق التأثير الأساسي للتشكيل من تكرار هذا الخط فالتأثير أو الانطباع الذي نحسه من هذا الخط يتلخص في القوة والاستقامة وربما يوحي بفكرة العظمة التي أراد المهندس أن يعبر تبعا للغرض من المبنى.
كما يوحي لنا الخط المستقيم رأسيا ً كان أم أفقيا للدلالة على الاتزان مع خمود بالنسبة للخط الأفقي وتشبع بطاقة بالنسبة للخط الرأسي حتى يحتفظ باتزانه .
في حين لا يستطيع الخط المستقيم الأفقي أن يحدد الاتجاه الذي يوحي به سواء إلى اليمين أو إلى اليسار إلا بإضافة العناصر القادرة على الإيحاء بالتوجيه والحركة _ كالأسهم مثلا ً_ فإنه بالنسبة للخط المستقيم الرأسي فإنه يوحي باتجاه من أعلى إلى أسفل ، وسبب ذلك أن العين تتبع اتجاه الثقل في قراءة الخط حيث تبذل مجهوداً أقل من ذلك المجهود اللازم لقراءة خط بحركة صاعدة وبنفس الطول.
إن ظاهرة الجاذبية الأرضية هي إذن _ بالنسبة لإحساسنا _ الحركة الطبيعية، وكل حركة مضادة تتطلب مجهودا أكبر حتى نتحقق .
فصعود مستوى مائل أكثر مشقة من نزوله.
وهنا نجد تفسيراً لأحداث الصاري الزائد الارتفاع تأثيراً قويا بالاندفاع .
فالعين لكي تستوعبه بكامل طوله تبدأ دائما من أسفل إلى أعلى فتأثير الاندفاع ينشأ إذن من أن العين تقره عكس اتجاه الثقل ، وإن استيعابه لا يكون بنظرة واحدة ، بل يتطلب حركة العين إلى أعلى إن لم يكن حركة الرأس أيضاً مما يوحي بالاندفاع إلى أعلى .
أما الخط المائل ، فقليلاً ما يستعمل في التشكيل المعماري دون مصاحبة خطوط أخرى ذلك لأنه لا يحقق الإحساس بالاتزان والثبات العام للمبنى الذي يبحث عنه المهندس المعماري ، فهو يؤثر بكل قوة للدلالة على اتجاهات وإيحاءات بالحركة .
فرمز البرق يأخذ معني أقوى برسمه خطاً منكسرا وسهمه متجه إلى أسفل كما في الشكل ، ليوحي بالحد الأقصى لسرعة الهبوط بخلاف ما إذا كان الخط صاعدا والسهم إلى أعلى حيث يمكن أن يراود نفسية المشاهد فكرة المقاومة الناتجة عن الجاذبية الأرضية , وهكذا نفهم قيمة تحديد اتجاه خط لتحديد معناه .

كما يؤثر أيضا طول الخط على تحديد معناه . فإذا كان صغيرا بالنسبة لسمكه فإن هذا الخط يؤثر بقوة ويجعلنا نحس باستقامته . أما إذا زاد طوله فإنه ربما يسبب الملل مما جعل المعماريين في بعض العصور كالباروك والإسلامي يستعملون دائما الخط إما متقطعاً أو معترضاً فيؤثر بالإيحاء محتفظاً بكل قوته للتعبير بالاستمرار دون أن يظهر السأم


ب) المعاني الإيحائية الممكن أن تنبثق من الخط المنكسر : إذا ما اشترك الخط المستقيم في مجموعة مكوناً خطاً منكسرا فإننا نلحظ الحدة في التشكيل
، مما يستلزم استعمال بعض الحليات معه لكي تلطف وتهدئ من تأثيره . كما استعمل في بعض الزخارف الإسلامية ..
ويمكن للخط المنكسر المكون من مستقيمين أن يتضمن اتجاها مؤكداً مهما كان وضعهما في الحيز ، على أن يحدد هذا الاتجاه بمحصلة المستقيمين المكونين للخط المنكسر . وهنا نكتفي بدراسة الحالة الأكثر استعمالاً في فن العمارة ، حيث زاوية الرأس متجهة إلى أعلى ..
فالشكل التالي“ أ“ يبين زاوية منفرجة ، فإذا عبرنا عن الإحساس السحق والتباعد بين كل من نقطتي طرفي الضلعين . أما في الشكل“ ب“ حيث زاوية الرأس حادة فإن الإحساس يكون مختلفا . فدلالة الاتجاه المعطى بضلعي الزاوية تعطي المجموعة معنى الصعود . فالزاوية الحادة في هذا الوضع توحي بحركة موجهة من أسفل لأعلى تزداد قوة اندفاعها إلى أعلى كلما قلت زاوية الرأس . أما الزاوية القائمة كما في الشكل ”ج“ فنجدها توحي بالاتزان والثبات الوقتي حيث أقل تغير في زاوية ميل ضلعيها يحذف هذا الإحساس بالثبات.


هذه الأحاسيس لا بأس من تواجدها في التشكيل المعماري طالما حققت الغرض . ولكن كيف يمكن للمهندس المعماري أن يصحح أو يعمل على تغيير هذه المعاني وهذه الأحاسيس _ إذا فرضت على العمل _ لتحقق الإيحاء المطلوب ؟!
فبالنسبة للزاوية المنفرجة كما في الشكل التالي
فأن الوصل بين نقطتي طرفي الضلعين يكفي لاعطاء الاحساس بالربط ،وبالتالي عدم فتح الزاوية المنفرجة مما يلغي أي إحساس بالسحق
.

ج) المعاني الإيحائية الممكن أن تنبثق من الخط المنحني : بإنحناء الخط يغيير التأثير الناتج عن صلابة الخط المستقيسم أو حدة الخط المنكسر فنجد ليونة وسلاسة التموج التى تمتزج أحيانا باخط المستقيم لتهدئ من صلابته الزائدة .
ومع أن الخطوط الأفقية والرأسية
والمائلة ، المستقيمة منها والمنحنية يمكن في مختلف تكوينها أن تترافق ، إلا أنها يجب أن تظهر سيطرة وتفوق لنوع واحد منها ويكون تأثير الخطوط الأخرى ملطفا ومخففا لملل النوع المسيطر .
ويجب أن نعرف أن تأثير الخط لا يبرز دائماً قاطعا في دلالته وإيحائيه في التكوين ، فبعض الأعمال اكتسبت تأثيرها التشكيلي منه بجانب طرق تشكيلية أخرى كالخامة والضوء واللون... أخذت مكانها بجوار الخط لتكمل التعبير العام .
ولتناول الآن العناصر الزخرفية حيث يدخل فيها الخط بطريقة أكثر حرية ليلعب دوراً ربما رئيسياً في تحديد سمتها والتعبير الذي ينبثق منها .
لنأخذ مثلا جزء الإفريز حيث استعملت فيه الخطوط المنكسرة فاتحدت بنجاح لتعطي تكوينا متوافقا له تأثير زخرفي كبير .
لنأخذ كذلك جزء الدرابزين بأحد المعابد الصينية فنجد به غناً ملحوظاً في استعمال الخط وحيث الفراغات شفافة للدرابزين .
أما الخط المنكسر المستمر المكون من اتصال طرفي الشوكة لنقاط الإرتكاز أسفل القبة فنجده يمنح القبة مظهر خفة مما يبدد الإحساس بالانضغاط والسحق الذي يصحب رؤية القبة المنخفضة .
أما الخط المنحني فقد يتنوع في استعماله .فظهر الخط المموج وكذا الخط المجدول في عدة طرز معمارية لزخرفة الأفاريز والكرانيش فمنحتها مرونة في التأثير وغنى في التعبير .
أما الشكل الحلزوني المستوي . فلنأخذ مثالا له التاج الأيوني الإغريقي
فالتحسين الدائم أوصل هذا الخط الحلزوني إلى حد الكمال في معبد الأرخثيون كما نجد تطبيقات متعددة لهذا الخط الحلزوني ببعض الزخارف في عصر النهضة . وفي العمارة البيزنطية وفي الزخرفة الرومانسك ، فنجده في الأفاريز والزخرفة الحائطية وزخرفة بعض العناصر المعمارية .
أما الخط الحلزوني البريمي فيتميز دائما هذا النوع من الخطوط بديناميكية ملحوظة . فهو يوحي بفكرة الحركة الدورانية وانطلاقها في الحيز . كما في الشكل التالي
عامود شكل بدنه على هيئة حلزون بريمي منتظم ، فظهر فيه تأثير حركة الصعود المستمر للخطوط ،كما تكون تأثيرات الاضاءة والضلال عليه وفيرة ومتنوعة ،ولكن فكر الدعامة والارتكاز للعامود قد ألغيت تماما .فلم تستعمل هذه الأعمدة البريمية إلا للغرض الزخرفي .

لدراسة المعاني الإيحائية الممكن أن تنبثق من السطح علينا أن نبدأ بتتبع ماتوحي به التحولات المتتابعة لشكل رباعي إبتداء من مستطيل أفقي زائد الإستطالة حتى يصبح وضعه رأسياً كما في الشكل التالي
فإنه من علاقة النسبة بين ضلعي المستطيل ينتج الإيحاء . وهكذا فإن مستطيلا ً زائداً الاستطالة وفي وضع أفقي يظهر منضغطاً وله توجيه في كلا الجانبين ،في حين أنه إذا ماكانت استطالته في الاتجاه الرأسي فإنه يوحي بحركة إلى أسفل أو إلى أعلى . أما المربع فهو الشكل الذي ويحي بين التوجيه الأفقي والحركة الرأسية . وعليه فدائما ً ما يوحي المربع بالسكون .
ويبن الشكل التالي خمس مجموعات من الأشكال المركبة .لنتاولها بالبحث لنتخلص ما توحي به من معان.فتضم المجموعتان أ،ب أشكالا مغلقة ، أما المجموعات ح،د،ه فتضم أشكالا مفتوحة .أن الأشكال في أ،نتيجة لتكوينها ،فهي مشعة وتوحي بالانتشار ،أما الأشكال الأخرى في ب، د،ه فهي ذات استطالة وتوحي بتوجيه مؤكدا . إن الأشكال في أ،ج ذات تماثل مطلق في حين نجد الأشكال في ب،د،ه تخضع لمبدأ التماثل النسبي .ونستطيع من هذا كله المعاني الإيحائية الأساسية المرتبطة بكل منها . فالشكل المستدير مثل المضلعات المنتظمة توحي جميعها باتزان واضح ومؤكد وثبات مادي للشكل ،في حين أن المستطيل والمعين والبيضاوي فكلها توحي بتوجيه في إتجاه المحور الأكبر .

وإذا ما أوحى إلينا الشكل التالي بالانتشار العام في كل الاتجاهات فإن الديناميكية التى يحتويها هذا الشكل تظهر جلية إذا كان مكوناً من خطوط غير متساوية .
كذلك يوحي كل سطح بتغير مختلف تبعا لوضع السطح في الفراغ وتبعاً للدور المخصص له في التكوين .ففي التكوين الوجهي حيث أساسه مستوى رأسي واحد ، نجد السطح يأخذ نفوذا ً كبير في التأثير . حيث توزع عليه وحده مختلف عناصر التشكيل . أما في التكوين الحيزي ذو الثلاثة أبعاد فيترافق تأثير عدد من الأسطح للإيحاء بالتعبير العام المرغوب كما يختلف التأثير تبعاً لوضع السطح سواء كان رأسياً أو أفقيا ً أم مائلا ً مستويا ً أم منحنياً . فمثلاً سطح منحني وفي وضع رأسي يكون مقبول الرؤية من الوجهين الداخلي والخارجي دون أي اختلاف في مظهره المقعد أو المحدب ولكن استعمال هذا السطح المنحني لتغطية حيز داخلي تحت وجهه المقعر ينتج عنه تأثير سحق وعدم اتزانه المادي .مما يجعله صعب الاحتمال نفسياً ، وبالتالي يكون استعماله غير مقبول تحت هذا المظهر .وعليه ففي مختلف التطبيقات المعمارية يجب أن تختار الأوضاع الملائمة لخواص وسمات الأسطح لنستفيد بالتأثيرات الإيحائية التى تصحها

فإذا أخذنا سطحا مستويا كأساس لتكوين ما ، فإنه كما قلنا يأخذ أهميته التشكيلية إذا ماظهر مواجهاً في المستوى الرأسي ،ففي هذا الوضع يكون السطح مجالاً لتنغمات وتأتثرات متعددة ، وتعتبر واجهة العمارة السكنية المحصورة بين جارين مثالاً لهذا الوضع . أما بالنسبة للأسطح الأفقية فجميعها تترجم في فن العمارة إما بشكل أسقف أو أرضيات موزايكو كا في الشكل التالي مثلا حيث نفذت رسوماتها من قطع الرخام أو الحجارة الملونة ، أو سطح الماء بأحواض النافورات الذي يعكس صور الطبيعة حوله وحيث يظهر سطح الماء تبعا لحالة السماء ذو ألوان وحيوية متغيرة .كذلك السطح الأفقي يمكن أن يكون عنصراً حياً كالمسطحات الخضراء من الجازون واحواض الزهور مما يسمح بتنوع التأثيرات.

أما السطح المائل فيوحي دائماً بالحركة الصاعدة أو الهابطة تبعاً لمكان الرؤية بالنسبة للمنحدر . وأن هذا السطح المائل لا يوحي بتأثيرات الثبات إلا بالاستعانة بعناصر أخرى للدلالة عن حركة مضادة مما يحدث الاتزان .
أما السطح المنحني كالسطح الاسطواني كما بالشكل التالي والسطح المخروطي كما بالشكل فدائما ما ترتبط هذه الأسطح بفكرة التغليف بعكس السطح المستوي حيث لا يستطيع إحداث إلا فكرة التحديد الجزئي لحيز ما في اتجاه واحد. وأن السطح الأسطواني برؤيته من الداخل أو من الخارج ربما يتضمن مظهر سكون ،في حين أن السطح المخروطي يصحبه إيحاء بالحركة الصاعدة .
أما السطح الكروي كالقبة مثلاً فإنه يعطي الإيحاء بالتغليف وتحديد الحيز بداخله . كما يأخذ كمال تشكيله إذا كان مكوناً من نصف كرة مرتكزة على رقبة اسطوانية كما بالشكل التالي أما إذا كان ارتفاع القبة منخفضاً أي أقل من نصف قطرها فإنها تعطي إيحاء وتأثير سحق للحيز كما بالشكل التالي
وأخيراً السطح المنحني البريمي فنظراً لدوانه في الحيز حول محور رأسي فإنه يوحي بالحركة الرأسية الدورانية .

كذلك لا يؤثر السطح على المشاهد بأبعاده وشكله ووضعه في الحيز فحسب . بل تكتمل معانيه الإيحائية بطريقة معالجته ،من حيث توزيع الإضاءة ولونه وملمس ونسج مواده المكونة له ، فاللون مثلاً ربما يكون كافياً لأن يحدث إحساسات وانفعالات واضحة في نفسية المشاهد ، كما تختلف هذه الأحاسيس باختلاف شدة الضوء .
كما يمكن أن نحصل على حيوية السطح بتجزئته إلى أسطح هندسية متجاورة تختلف زاوية تعرضها للضوء ، حيث يكون الاختلاف في شدة الضوء على الأسطح عنصراً فعالاً للتنغيم كما في بالشكل التالي.
أما مادة ونسج السطح فهما من أهم عوامل حيوية مظهره . فالحجر والسيراميك والخشب والزجاج والمعادن وغيرها .. كل منها يظهر بمظهر خاص ، مما يتطلب معالجة تلائم تكوينه الطبيعي وتتفق مع طريقة تشكيله واستغاله . فحجر الجرانيت مثل الحجر السوماقي كلاهما قابل للصقل والتلميع بسبب صلابته ، بعكس الحجر الجيري أو الرملي الخشن الملمس .
وفي حين نجد بعض المواد لا يتناسب استعمالها إلا بالداخل نجد المواد الأخرى تتلاءم جيداً مع العوامل الجوية بالخارج , وعليه فمن الضروري معرفة الامكانيات الطبيعية للماردة مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعية للمادة مع الأخذ بعين الاعتبار نسج بشرتها ووضعها في الحيز ونوع الإضاءة عليها ،ولو أن تأثيرها الإيحائي لا يحدد إلا بوضوح الدور الوظيفي المخصص لها . فسطحان من نفس المادة وخاضعان لنفس عوامل الإضاءة وموضوعان ف ينفس أوضاع التسجيل البصري . يجب ألا يعالجا بنفس الطريقة إذا ما اختلف مضمونهما النفعي . فمثلا ً إذا كان أحدهما حائط سور والآخر حائط منزل ، نجد أن حائط السور يتطلب مظهر قوة ومتانة وزهد في الشكل بخلاف واجهة المنزل التى تتطلب التنغيم والزخرفة.
كذلك الأحجار الغير منحوتة لأسفال بعض المباني تعبر عن خشونة المنظر ، أما واجهة صرح المعبد المصري ، مثلا فقد اكتسبت حيويتها بالنحت الغائر للحجر ، كما وأننا إذا ما دخلنا صالة السفراء بقصر الحمراء بغرناطة بأسبانيا فإننا نجد سطح الحائط قد أخذ حيويته بنقش غائر في طبقة البياض فقط بطريقة موحدة وبأهمية متسلوية . فذهه الزخرفة التى تنتشر بكامل سطح الحائط يخف تأثيرها ويتلاشى كلما بعدت عنها ولاتظهر إلا لألأة خفيفة للظلال والأضواء .

3_ المعاني الإيحائية للجسم :
تسمح لنا دراسة الخواص الهندسية للأجسام المنتظمة والشبه منتظمة باستخلاص امكانياتها الإيحائية . فالكرة تعطي في أغلب أوضاعها تأثيراً بحركة الدحرجة . كما توحي الأجسام الأخرى بايحاءات تبدأ من السكون التام إلى الإيحاء بالحركة تبعاً لتكوينها . وتمثل الاجسام ذات الأوجه المستوية مظهراً أكثر ثقلاً وتحديداً عن الأجسام المستديرة المقطع . كما ينتج الإيحاء بالسكون بسبب رأسية أوجه الأجسام كما في الشكل التالي وكلما مال محورها الرئيسي كلما ابتعد الجسم عن حالة الإتزان كما في الشكل التالي حيث ابتعدت محصلته عن محوره الهندسي فإنه ينتج عنه أيضاً إحساس بعدم الاتزان إذا ما زادت زاوية ميل السطح العلوي .
أما الشكل المخروطي وكذا الشكل المنشوري حيث الارتفاع أكبر كثيراً من ضلع القاعدة فإن هذا الجسم يوحي بالصعود والاندفاع إلى أعلى تبعاً لزيادة الارتفاع بالنسبة لطول ضلع القاعدة
وإذا تعددت أوجه المنشور فإنه يقترب في تأثيره الإيحائي إلى التأثير الذي ينتج عن الاسطوانة حيث نجد الليونة الناتجة من تدرج الظلال . أما إذا كبر قطر القاعدة بالنسبة للارتفاع فإن الجسم الاسطواني يوحي بالثقل والثبات .
أما الهرم القائم فيوحي بالثبات ، فاستعمله المصريون القدماء لمقابر ملوكهم للتعبير عن الخلود ، وإذا ما قل ارتفاعه عن ضلع قاعدته فإنه يحدث إيحاء بسحق وانضغاط ، أما إذا زاد ارتفاع الهرم عن ضلع القاعدة اصطحب معه الإيحاء بالصعود والانطلاق .
الإيحاء بالحركة أو بالسكون :

المقصود بالحركة في علم التشكيل ليس الانتقال الفعلي لشكل ما ، ولكنه فقط الإحساس الممكن أن يحدث في نفسية المشاهد الناتج عن صورة خادعة للحركة .
.
ولكن كيف يحدث هذا الخداع ؟ وكيف ندرك الإحساس بالحركة ؟ مثل اندفاع خط أو امتداد سطح أو حركة جسم ؟
تفترض قوانين علم الاستاتيكا الاتزان المادي لأي مبنى . فالأحمال وقوى الدفع للكتل المشيدة يجب أن تكون متزنة . ولكن يجب أن تكون متزنة . ولكن ينتج عن بعض الأعمال الإيحاء بديناميكية نتيجة ترجمة عناصرها المختلفة لوظائفها التشيدية مثال ذلك الأكتاف الطائرة بالكنائس القوطية كما بالشكل التالي .
بعض المنشآت الحديثة كما في الشكل التالي . كما تظهر بعض الأعمال المعمارية الأخرى سكوناً إجمالياً لخطوطها وكتلتها . مثل العمارة المصرية القديمة والإغريقية .
وهكذا فلم تستعمل أساليب تشييدية متشابهة في نفس عصور فن العمارة .وإجمالا يمكن حصر هذه الأساليب في مبدأين أساسيين أحدهما حيث تنقل الأحمال رأسيا إلى الأرض أما الثاني فيظهر فيه قوى دفع مائلة تمتصها نقاط ارتكاز منتظمة الإيقاع تنقلها بدورها إلى الأرض .وحين يتضمن الأسلوب انتقال الأحمال رأسيا فقط فهو يوحي بالسكون والإستاتيكية في حين يوحي الأسلوب الثاني بالحركة بسبب قوي الدفع المائلة .
وكنتيجة مباشرة لاختلاف أسلوبي التشييد تنتج إيحاءات مختلفة .
ففي الأسلوب الأول تستعمل عناصر ارتكاز سكمية تحصر بينها حيزات داخلية بأشكال أولية توحي بالسكون والثقل .
أما الأسلوب الثاني فيميل إلى الخفة والمرونة حيث تستخدم فيه أشكال أكثر جرأة وتنوعاً .
إن الإنسان _ لا إرادياً _ يقارن بين وضع الأشكال التي يشاهدها ووضع التزان بالنسبة لجسمه .فيمثل الوضعان الرأسي والأفقي للإنسان الحد الأقصى للإتزان ، أما البوضع المائل فيوحي بالحركة كما بينا فيما سبق .
فالخط المستقيم أفقياً كان أم رأسياً يوحي بالاتزان ، وتشتد قوة إيحاء الخط المائل بالحركة كلما قلت زاوية ميله على الأفقي .كما نحس بالحركة في الخط الحلزوني المستوي أو البريمي . أما فيما يتعلق بالأسطح ، فإن الأشكال المنتظمة تظهر ساكنة ، اللهم إلا إذا ظهرت فيها حركة انتشاءر ناتجة من استعمال وحدة زخرفية مثلاً تكبر كلما بعدت عن المركز كما في الشكل التالي أو حركة إشعاعية من أو إلى المركز وذلك وذلك ببعض الإضافات الخطية .
أما الأشكال الشبه منتظمة الواضحة الاستطالة فتظهر فيها الحركة والتوجيه حيث علاقة النسبة بين العرض تلعب دوراً مؤكداً في الإيحاء بين مقدار هذه الحركة فكلما تفوق الطول على العرض كلما زاد الإحساس بالتوجيه والحركة .
أما بالنسبة للأجسام والحيزات فإن نفس الملاحظات السابقة تؤدي إل نتائج مشابهة . فيعتبر المكعب نموذجاً للأجسام الساكنة في حين يعطي المنشور القائم الزائد الارتفاع إيحاء بالاندفاع إلى أعلى . يظهر نفس الإحساس بالنسبة للأجسام الهرمية والمخروطية ، وإذا ما زادت قاعدة الجسم عن الارتفاع فإننا نجد الجسم يوحي بالسكون والاستقرار .
كما يزيد الإحساس بحركة الجسم كلما مال محوره .
والآن كيف نحول شكلاً يوحي بالسكون ليكتسب الإيحاء بالحركة ؟
بالنسبة للشكل المستوى المنتظم يمكن الحصول على إحساس بالحركة بإضافة عناصر مكملة للشكل . فالنسبة للمربع يكفي للانتقال من الإحساس بالسكون إلى الإحساس بالحركة الواضحة بان نطيل بالتتابع وف ينفس العمل كلاً من أضلاعه الأربعة كم في الشكل التالي
وبتطبيق نفس العمل على كل المضلعات المنتظمة فإننا نحصل على نتيجة متشابهة .
ما بالنسب للدائرة فبين الشكل التالي حلية مكونة من زهرة ذات أوراق متماثلة الوضع مما اكتسبها سكونا في التعبير. أما الحيلة في الشكل التالي فظهرت الزهرة بحركة دائرية للأوراق فتضمنت إحساسا بالحركة .
أما الأشكال الشبه منتظمة ، فإن الإحساس بحركة توجيهها يمكن أن يتبدل بإحساس سكون وذلك بتنفيذ الشكل بشكل أخر مشابه له وموضوعا عموديا عليه كما هو مبين في الشكل التالي
إن طريقة تجميع الأشكال لها أهميتها فيما يتعلق بتغير الإيحاء وجعله إيحاء بالسكون مثلا بدلا من الإيحاء بالحركة .ولتوضيح ذلك فقد استعنا بالمستطيلين س ،ص كما في الشكل التالي فنتيجة الزحزحة الجانبية لاحدهما بالنسبة للأخر نجد التكوين يغير من إيحائه . ففي (ا) نجد التكوين يوحي بالسكون ،وبزحزحة س ناحية أحد أطراف ص كما هو مبين في (ب) يظهر إيحاء بحركة تشتد كلما كان س قريباً من الطرف بالنسبة للمستطيل ص .كما يحدث التماثل مرة أخرى باستعمال شكل أخر مشابه للشكل س يوضع في الطرف الثاني من المستطيل ص كما هو مبين في (ج)، وهنا لا يتضمن التماثل الإيحاء بالسكون الذي نلاحظه في الشكل (أ)، ففي مثل هذا التوزيع للتأكيد في الجانبين بالنسبة للمستطيل ص يكون الجزء الأوسط من التكوين لا تأثير له حيث وزع التأثير كله على الجانبين، وبذالك نحصل على حاله اتزان للكتل وليس حالة عدم إيحاء بحركة طالما تنجذب العين أحياناً إلى من الطرفين وأحياناً ناحية الطرف الأخر، ولا تستطيع العين أن تجد راحة وسط المجموعة حيث لاتثبت في الوسط وقتاً طويلاً طالما لا تأثير لهذا الأجزاء من التكوين .
استعمل هذا التكوين بوفرة في عصر النهضة لحصر نظر المشاهد وعدم هروبه خارج حدود التكوين
.